تحميل مباشر لـرواية مزاج حر pdf

رواية مزاج حر PDF

من تأليف : محمد الفخراني



مقتطف من الرواية :
رواية مزاج حر pdf محمد الفخراني
رواية مزاج حر pdf محمد الفخراني

" تُاهمني حياة التشرد والتجوال، تستهويني إنسانا وكاتبا، كنت أعرف أني سأبدأ حياتي الأدبية برواية أو قصة عن الإنسان، بشر يلاعبون الحياة وتلاعبهم، وأجمل فترة في حياتي حتى الآن هي ما بعد انتهائي من دراستي الجامعية، قبل كتابة روايتي الأولى، جرَّبت في هذه الفترة جانيا من حياة التشرّد، ربما ليس الجانب شديد القسوة، إنما تشرُّد شاب ليس متشرِّداً بالأساس، لم اُرغَم بشكل كامل على هذا النمط من الحياة، بل كان نتيجة لإختياراتي، وكلها اختيارات عرفت من البداية أني سأدفع ثمنها، لم تستهوني أبداً الأشياء المجانية.

في هذه الفترة كنت أُنَفِّذ أيَّةَ فكرة تخطر على بالي، تنقَّلتُ بين أعمال صغيرة كثيرة، بائع ملابس مُتجوِّل، مساعد خبَّاز، رجل أمن للمحلات في الفترات الليلية، بائع أسماك متجول، وغيرها، لم أهتم أبداً بما كنت أحصل عليه من نقود، أردت فقط أن أُعبِّئ نفسي بالعالم، أعيش التجربة، راقبت الحكايات، وتركت نفسي لها، لم أُفوِّت شيئاً، تعرَّفتُ إلأى أصناف عديدة من البشر، مرَّت أمام عينيّ قصص متنوعة.. منها حب، فقر، سعادة، وجوع، عشت أوقاتاً لم يكن لدّيَّ فيها، بالمعنى الحرفي، أيّ مال أو طعام، كنت أكتشف نفسي بسرعة، كأني أتحوَّل من شخصية إلى أخرى، أتساءل " هل أنا الشخص نفسه؟" وأدور مع التجربة، ليس هناك وقت للتوقُّف، أرى نفسي ما لم أتوقَّعه، أبتسم وأقول " شكراً للتجربة ".. تنَّقلتُ بين مدن وقرى كثيرة، شوارع منسية، مساحات ليست محسوبة على واقع أو خيال .. روحي مفتوحة عن آخرها للعالم، أقضي الليل في المقاهي الفقيرة حول محطات السكك الحديدية في انتظار القطارات الليلية الرخيصة، وأراقب المسافرين الفقراء الذين يدخلون المقهى، أتجوَّلُ في الشوارع الجانبية حول المحطات والمقاهي باحثاً عن شخصيات عجائبية، لا يمكنك أن تصادفها خلال النهار، هم عيال الليل، لم يخفي أبداً سلوكهم الغريب، وحركاتهم المُفاجئة، اعتبرت نفسي منهم، أنام في اللوكاندات الفقيرة المجاورة لمحطات السكك الحديدية، حيث برد شديد أو حرّ شديد، ويتجمَّع في الغرفة عشرة أشخاص أو أكثر، لا أعرف أيّاً منهم، ربما بينهم لصّ أو قاتل أو مجنون، اعتبرت الجميع مسافرين عابرين مثلي.."