كتاب الإصلاح الإسلامي في الهند PDF
الدولة في فكر شيراغ علي - محمد إقبال - أبي الأعلى المودودي
ترجمة : محمد العربي - هند مسعد
في الوقت الذي أنتج فيه الخطاب الأكاديمي والإعلام الغربي على السواء آراء تجسيدية عن الإسلام والمسلمين بغزارة، فإن مثل هذه الآراء صدرت أيضاً من داخل الإسلام نفسه عبر تأويلات المسلمين وتمثيلاتهم لدينهم باعتباره وحدة أحادية لا زمنية وغير متغيرة، ولم تكن هذه التمثيلات مجرد تأملات أو وصف مبسط للواقع، أو للتفاعلات الإجتماعية والدينية، الواقعة بالفعل في العالم الخارجي، إذ أن لها قوة توليدية، فبإعادتها تشكيل المفاهيم، تتجه نحو إنتاج كل ما يقف على أرضية صلبة وبالتالي تكثيف الواقع المشار إليه في الخطاب نفسه.
وقد وضع الإصلاح في الهند قدماً على يد شاه ولي الله الدهلوي ( 1702-1762م) والذي عاش في مرحلة ضعف إمبراطورية المغل، وقد كانت أعماله ونظرياته على جانب كبير من التأثير على من جاء بعده من مفكرين وحركات إسلامية اعتبروا أنفسهم ورثته الروحيين على الرغم من أن كثيراً منهم كانوا مختلفين فيما بينهم وفي أحيان كثيرة ذوي مشارب إصلاحية مختلفة كلية، وكان مفهومه عن الإجتهاد على وجه الخصوص على قدر كبير من الأهمية، وكان له تأثير عميق على الحركات التي سعت إلى إحداث إصلاح إسلامي يهدف إلى استعادة العصور الذهبية المثالية، وعصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، غير أنّ الأفكار والخطابات تنوعت طبقا لكل مفكر وكل حركة، وهو الأمر الذي يمكننا ملاحظته حتى اليوم بين مختلف الحركات الإسلامية والحركات التي تعتبر أن الإسلام هو مصدر الهوية.
كما أن أحد المفكرين الذين قدموا أطروحات حول إصلاح الإسلام كان السيد أحمد خان (1817-1898م) وهو الرمز المؤسس لحركة عليكرة، وبعد أحداث 1857/1858، توصل السيد أحمد خان أن على المسلمين في الهند أن يتواءموا مع البريطانيين، وأن يستخدموا التعليم الحديث في تحسين أوضاعهم، وقد كان لهذا الخطاب تأثيره على كثيرين من بينهم " شيراغ علي " الذي دافع عن فكرة أن الإسلام يفصل بين الدولة والكنيسة، ومحمد إقبال الذي أثر بدوره على السيد أبي الأعلى المودودي وعلي شريعتي ( 1903 - 1977م)، وقد كان المودودي معادياً شرساً للبريطانيين وداعماً لقيام دولة إسلامية، وقد كان لأعماله الأثر الكبير في تشكيل أفكار سيد قطب الإيديولوجي الإخواني المصري.