رواية خريف البراءة PDF
من تأليف : عباس بيضون
تدور أحداث الرواية حول " مسعود " الذي قتل زوجته ولاذا بالفرار إلى سوريا، حيث هناك التحق بجماعة، مخلّفا ورائه ابنه " غسان " الذي كبر في كنف خاله يتيما، الذي تحمَّل وزر جريمة أبيه وسمعة أمِّه.
بعد مرور 18 سنة يقرر " مسعود العودة، ليشُنَّ حملة الترهيب والترويع ضد أهل البلدة، ويعمل على تصفية كل من يعارضه، وهذا ما دفع ب "غسان" إلى اغتيال أبيه آخداً بثأر صديقه الذي قتله، غير أن الأمور اتخدت منحى آخر ...
مقتطف من الرواية :
" مسعود جاء " دار هذا الكلام في البلدة كلها، " مسعود جاء " دار همساً قبل أن يعلو صوته بالتدريج إلى أن صار حديث الجميع، قيل إنه في بيت بشرى التي لم تعرفه في البداية حين وجدته على بابها، فتحته فوجدت كهلاً ملتحيا بوجه منحوت قاسي الجلد، عينان نفاذتان بزرقتهما، وعود نحيل جعله أكثر طولا، كتفان عريضان وثياب كاكية، يدان معروفتان يلمع في أحد أصابعهما خاتم زواج، وقفت بشرى تتأمله وهو يبتسم، لم تتعرف عليه إلا حين سمعت صوته يلفظ اسمها " بشرى "، عندها بدأت الصور تنجلي، وجدت نفسها تنكب عليه تعانقه، واجتذبها هو إليه وسبقها صوتها إلى التعرف فقالت قبل أن تكون وعت تماما : " مسعود "، كان الوقت عصراً ول يتغلغل الظلام إلا والخبر شمل البلدة دون أن يعلم أحد كيف تسرب وانتشر.
كانت تغريد ابنتها في البيت وعاد عماد ابنها مع أول الغروب فتعرف الولدان على خالهما، لم يبهرهما الأمر، فالخال الذي ترك زوجته مخنوقة وفرَّ من ثلاثة وعشرين عاما لم يعد موجوداً بالنسبة إليهما، ثم أنّ اسمه اقترن دائما بتلك الحادثة الفظيعة، وهي وحدها التي جعلته يحضر في السنوات الأولى، قبل أن تبهت وتبتعد، مع ذلك جذب طوله وعيناه النافذتان وفكُّه المنحوت انتباههما، كانت له هيئة أبطال السينما، بل كان فيه شيء من برت لانكستر، وسامته استوقفت بخاصة فوجدت نفسها تسأل أين كان، ولم تسمع جواباً، كان أبوها محمود قد عاد ودخل مستعجلا إلى الغرفة، وما أن تلاقى نظره بنظر مسعود حتى عرفه وانكبَّ عليه يعانقه، فيما كانت بشرى، التي لاحظت ذلك، خجلى من نفسها لأنها تأخرت حتى عرفت أخاها، خافت أن يكون ذلك معيار عاطفتها، لم يقل لها قلبها إنه هو، ليس قلب الأخت وإلا كانت سمعت نداءه.