كتاب الأصولــيَات pdf


كتاب الأصولــيَات PDF

من تأليف : د. محمد صــفَار


لا تتعلق الفلسفة بالمذهب الذي يخضع مجموعة المعتقدات أو المسلَمات لمنطقه، ويربط بينهما ربطا منطقيا محكما ليجعل منها كلاَ متماسكا يتمتع برونق ومظهر جذابين، ولا تتعلَق بالفلسفة بالمنهج من حيث هو إجراءات شكلانيَة تأتي في إطار تسديد الخانات.

إن التفلسف محاولة تحمل كل عناصر المخاطرة بالسقوط الإنساني، دنيويا بقدر ما هو أخروي لتأصيل الوجود الإنساني فكرا وشعورا وعملا باستخدام كافة مواهب وملكات ذلك الكائن الإنساني المتفرد، بما يمكَنه من الإتصال بقاعدة وجوده ويربط بينه وبين كل ما هو بخلافه، ومن هذه المهمة التأصيلية تأتي تسمية الأصوليَات.

تهدف هذه الدراسة الإفتتاحية إلى تناول قضية إشكالية تلمس وترا شديد الحساسية لدى المشتغلين بمجال الدراسات الفلسفية، ألا وهي قضية التأسيس الفلسفي، وتستعيد هذه القضية ذلك السؤال القديم، الذي ربما لم توجد له إجابة شافية حتى الآن : هل توجد فلسفة إسلامية أو عربية أو مصرية أو شامية أو مغربية؟ بمعنى هل تجذرت شجرة الفلسفة في تربتنا الثقافية، أيَا ما تكون حدودها، بحيث يمكنها أن تتخذ من تلك التربة وطنا لها فتنمو وتزهر وتثمر؟ وبنظري فإن هذه القضية لها أولوية معرفية وربما وجودية على مختلف القضايا، التي يهتم بدراستها المشتغلون بمجال الدراسات الفلسفية، لما لها من عظيم الإرتباط ليس فقط بجدوى دراساتهم وبحوثهم، وإنما بصورة أهم بشرعية وجود المشروع الفلسفي لدينا أساسا.

وتتضح أهمية إشكالية التأسيس الفلسفي منذ بواكير التفلسف في البيئة الإسلامية، عندما طرح فيلسوف قرطبة الشهير، في القرن السادس الهجري، هذا الأمر من خلال محاولته كفقيه ينظر إلى الفلسفة من خارجها أن يكفيها في إطار أنواع أفعال المكلفين، مباح أو محظور أو مندوب أو واجب، ولما كان الفقه يتعلق بأفعال المكلفين لا معتقداتهم، فقد تحدث ابن رشد عن " النظر في الفلسفة " و " فعل الفلسفة "، أي أنه أحال الفلسفة من مذهب إلى ممارسة، وذلك بغرض تجذيرها في المجتمع الذي تحكمه الشريعة بنظمها وقوانينها.

كتاب الأصولــيَات - محمد صــفَار pdf
كتاب الأصولــيَات - محمد صــفَار