كتاب عزيزتي إيفا PDF
من تأليف : محمد شادي
عزيزتي إيفا
مهووس أنا بالألغاز ، أبحث عنها في كل مكان، أحاول معرفة الخبايا، لدي فضول تجاه كل ما هو غامض.
لكنني، بعد اكتشاف اللغز، أملَ منه، أنساه سريعا وأبحث عن لغز آخر.
قد تكونين أنت الشخص الوحيد الذي كلما عرفت عنه أكثر كلما ازداد حبي له.
غير أنك لا تمنحينني الكثير، تتركينني أقوم بكل الحديث، وإضا تحدثت لا تقولين شيئا.
أنت اكثر ألغازي صعوبة، أكثرها إيلاما.
انت لغزي الذي لا أريد الإنتهاء منه.
عزيزتي إيفا
عاش، على هذه الأرض، يوما، فيلسوف شاب، ضئيل الجسد لكنه شديد الذكاء، جاءت أولى كلماته وهو طفل في الرابعة، لم يحتج الكلام، لم يتقنه، تعلم الصمت والتأمل.
كان لهذا الفيلسوف فلسفة غريبة: كان يعتقد أن هذا العالم هو نسج خياله، هذه الحياة تدور داخل رأسه، البشر من حوله خلقهم عقله إتقاء للوحدة، القمر فوق رأسه ليشعر بجماله، الشجر الرتفع ليعلمه التواضع، كانت فلسفة غريبة، ولأنها غريبة لم تجد من يؤمن به غيره.
غير أن الغرابة كان هناك سبب آخر أشد أهمية، إذ كان هناك كل هؤلاءالبشر هم صنع خيالك، مالذي يجعلنا مريدين لمن يظن أننا غير حقيقيين وأننا مرايا تعكس صورته؟
هذه مقدمة طويلة لإيهامك بأهمية ما أقول، لكن ما أريد قوله فعلا هو أنني، مؤخرا، أصبحت مؤمنا بهذه الفلسفة، وخائفا منها، ماذا لو كان هذا العالم صنع خيالي؟ ماذا لو كان كان هذا غير حقيقي؟ لو كنت غير حقيقة؟
أي جحيم هذا؟
هذا هو هاجسي الأخير، الهاجس الأشد قسوة، لكنه، ورغم قسوته، هش للغاية، يختفي دون أثر عند رؤيتك، فهلاَ أتيت؟
كتاب عزيزتي إيفا - محمد شادي |