رواية ذكريات تسعينية PDF
من تأليف : سارة كرم
مقتطف من الرواية:
" عندما جن جنوني وفي اللحظة التي سبقت شروعي في تعذيبها، كان قد خطر لي خاطر عجيب فجأة! لم يكن لدي متسع من الوقت فزميلي الذي يليني في الفترة المسائية سوف يستلم مني العمل بعد ساعة، ولن أعرف ما سوف يحل بها بعد ذلك، إذ ربما تطوع هو بنفسه لإنجاز المهمة، لقد كان شريرا دائما وقاسي القلب!
لم تكن تهمني في شيء أو تهمني حياتها، مجرد متهمة، أسيرة وأنا أتولى وأباشر مهمة التحقيق معها، لكني محقق ولست قاتلا، وجدت نفسي بتلقائية وببساطة شديدة أشرع في تعذيبها، لأن الهاجس الغريب ، عفوا .. الخاطر الذي كان خطر لي فجاة هو أن أعذبها حتى تدخل في غيبوبة .. وبذلك يرتاحون من الغيظ الذي تسببه لهم .. وربما تجاهلوا عندئد أن ينشغلوا بأمر قتلها أو استتبت بداخلهم مؤقتا رغبة قتلها والفضاء عليها بشكل نهائي .. وأن تدخل شخصا في غيبوبة خيرا خاملة لها وفي الوقت ذاته أريحها من ويلات هذا السجن، هكذا أضرب عصفورين بحجر واحد، تخيلت نفسي ذكيا وظريفا، لكني كمن وقحا وشريرا بطبيعة الموقف .. هكذا اعتقدت، لكنها كانت ضعيفة، أضعف مما كنت أتوقع، لقد ماتت مني تماما ولفظت أنفاسها الأخيرة، كانت جميلة، صغيرة، عنيدة، لكنها قتلت، وأنا هو قاتلها وهذا هو كل شيء!
- السيد المحترم ستيفن محقق سجن "ر"، تقول كنت تشعر بالبساطة؟! عذبتها وببساطة شديدة؟! هذا ليس صحيحا، كنت تتألم أليس كذلك؟
- لا أعرف يا دكتور، إنها تطاردني الآن في الكوابيس.
- منفعلا : إنك ..
- مقاطعا له : اسمع يا دكتور ريتشارد .. أنا مريض .. لا تقحم توجهك اليساري والمتعاطف مع الفلسطينيين في الموضوع .. لا تؤنبني .. أرجوك أريد حلا .. دواء .. هراء .. هيكلا من السماء .. أي شيء يخلصني من تلك الكوابيس اللعينة.
- متهالكا أعصابه ومتنهدا ببطء : ( يمسك بقلمه ) حسنا سوف أكتب لك علاجا .. أنت بحاجة إلى بعض المهدئات والمنومات .. ( منهيا من الكتابة ) أراك في الأسبوع القادم في نفس الموعد .. ( يناوله الروشتة ) إذا طرأ جديد فعليك بالإتصال بي .. أنت مثل شخص إسرائيل يا ستيفن، يمكنك أن تمضي عقودا بأكملها في كلام فارغ عن سلام لا يأتي أبدا، وتتناول حبوب الهدن الصغيرة المتبوعة دائما بجرائم حرب، ضميرك يطلب إجازة من جبرية جماعية تعتقد أنه ليس بإمكانك التخلص منها، لكنه لا يبالي بأن يستيقظ .. أسماؤنا ليست عبرية، أسماؤنا كأسماء من يساندون شقاءنا وإشقائنا للآخرين، أسماؤنا كضمير العالم ، هم نحن ونحن هم، من يسكت عن ذلك فإنه سوف يحل فيه ويتوحد معه!
- وداعا"