رواية لله الأمر
من تأليف : أحمدو كوروما
تعتبر الرواية رحلة نحو منطقة الآخر البعيدة لأسباب مختلفة سياسية أو ثقافية أو بسب ماض شهد عنفا فخلف وراءه حذرا أو سوء فهم، فالرواية دعوة إلى إقامة جولة سياحية ثقافية في ربوع الآخر المختلف تاريخيا عن سواه، إنها تقُصٍّ جمالي للتعرف على الإختلاف والتخلف، بعبارة اخرى، يمكن تشبيه الرواية برحلة جوية حيث تتحول الصفحات المقروءة إلى زمن معيش، والزمن هنا لا يعدو أن يكون تلك الساعات التي تقطع جوّاً بين بلد وآخر ومدينة وأخرى.ساعات قليلة في التحليق في أجواء رواية " لله الأمر " للكاتب الإفواري أحمدو كوروما ويجد القارئ نفسه على ذمَّة ثقافة أخرى تملي عليه شرط وجوده فيها، وتجعله يستغني عن حاسوبه وعقله معاً ليلجأ إلى السحر لسبر غور شيء ما وإلى التنجيم لحل عقدة ما.
صدرت رواية " لله الأمر " سنة 2000م، تحت عنوانها الأصلي " الله ليس مجبراً " الذي اضطرنا إلى تغييره لأنه قد يوحي للقارئ أن الكتاب يمسُّ بالِّين مع أنَّه يصف الحياة المأساوية للأطفال في إفريقيا، في سردية تتداخل فيها أصوات ولغات وأساليب عدّة، إنها آلام يصعب تصنيفها في سخرية جادة أم جدِّية ساخرة، لكنها في كلتا الحالتين لا تخلو من شعرية تخلق أنواعا متميزة من الدهشة.
تصور الرواية أحداث مصير طفل صغير إسمه براهيما، طفل كان من الممكن أن يكون كالآخرين، لا أحسن ولا أسوأ، من كل أطفال العالم، لو أنه نشأ في بيئة أخرى وبلد آخر غير إفريقيا الغارقة في الفقر والظلم والحرب، مات أبوه وهو صغير السن ولا يذكر عنه إلا القليل، أما أمه التي كانت تزحف على مؤخرتها بعدما أصيبت ساقها برقية مؤذية من طرف ساحرة شريرة، فقد توفيت وهو في الثامنة أو العاشرة من عمره، لذلك اضطر إلى الذهاب للبحث عن خالته وولية أمره " ماهان " ، صاحبه في رحلة البحث ياكوبا، اللِّص الأعرج، والعرَّاف الساحر؛ ومضاعف الأوراق النقدية، ولأنهما لم يكونا محظوظين فقد كان عليهما أن يبحثا في كل مكان في إفريقيا من ليبيريا إلى سيراليون حيث كانت الحرب الأهلية على أشدِّها، ولأنهما لا يملكان قرشتً واحداً، كان عليهما أن يشتغلا، ياكوبا كعراف ساحر وبراهيما كطفل جندي.
لا يذكر براهيما هل تسلى في رحلة البحث تلك أم لا، لكن ما يعرف ويذكر ويحس - ولا يزال - أنه تألّم كثيراً لأن أغلبية أصدقائه الجنود لاقوا حتفهم بشكل أو بآخر.
تحتوي الرواية على أكثر من ثلاثين شخصية تتفاوت أدوارها بين الطويل والأقل طولا، لكنها تتوحد بالأهمية وتشترك في مأساوية المصير، شخصيات أغلبها أطفال معوزون، لم يتمتعوا كسواهم بالحق في التعليم والتربية، أطفال لا خيار لهم سوى مواجهة قدر عوزهم وسلب طفولتهم، أطفال يسعون إلى الهروب رغم أن لا مفرَّ لهم من التسليم بنهائيات مفروضة على حياتهم، لكن لله الأمر من قبل ومن بعد.
حصلت رواية " لله الأمر " على عدة جوائز أهما ( جائزة كونكور ) لعام 2001.
