رواية الراحلون
من تأليف : أحمد إبراهيم موسى
مقتطف من الرواية :
فترة من الصمت جاوزت الدقيقة ظلت ألسنتهم ساكنة في مرابضها، دقيقة خلت من أية تسليمات أو أسئلة عن الأحوال حتى إنها خلت من كلَ أنواع التحايا وبقيت أنفاسهم وحدها هي التي تتردد عبر الأثير، استدارت أطراف الحديث بعيداً عن عقليهما وانحسرت أمواج الحروف عن شواطئ أفواههم فلم يجد أيُّ منهما نُقطة بداية لنفث الجحيم الذي يستعر داخله، أخيراً نطقت هي، جاء صوتها مبحوحا فخان قسوة كلماتها :
- خير؟ عايز إيه؟..
لم يُجب السؤال، ملأ صَدره بالهواء عن آخره ومع زفرته جاء سُؤاله معجونا بالمرارة :
- لحد إمتى يا مها ؟ لحد إمتى يا بنت الحلال؟ أنا تعبت من حرقة الأعصاب دي كل يوم ...
- إنت اللي بتحرق أعصاب نفسك فمتحملنيش ذنبك، إنت اللي غيور أوفر وبتهتم بتفاصيل زيادة، ارتاح يا حسام، كبر دماغك وفكر في اللي بعد كدا لما نكون سوا، هنعيش فين وهناكل إيه؟ مش التفاهات اللي كل شوية بتتكلم فيها دي ..
- تفاهات، غيرتي عليكي تفاهات؟..
- حسام! طريقتك مش نافعة معايا، غيّر طريقتك يمكن تنفع، أنا مبحبش أتجبر على حاجة، أنا لما أعمل حاجة أعملها بمزاجي ..
قاطعها محتَّداً وبانفعال غير محدود:
- إنتي أصلاً مش هتتغيري ولا عندك أساسا استعداد للتغيير، إنتي عاجبك نفسك كدا ومبتقتنعيش بكلام حد أصلاً، وبعدين طالما أنا مقتنع إن اللي بقوله صح مش هغيره، المفروض حضرتك تشوفي اللي بقوله وللا غلط، لو صح تنفذيه ولو غلط متنفديش، لكن المسخرة بتاعتك دي ودماغغك الناشفة عمرهم ما هينفعوا غير مع واحد معندوش دم ودا أكيد مش أنا، بجد أنا زهقت ..
- زهقت؟ طب تمام، بس متبقاش تقول إنك بتحبني لما مش قادر تتقبلني زي مانا، روح شوف واحدة على مزاجك لأني عمري ما هكون على مزاجك، إنت عايز تهدني وتبنيني من جديد ودا مش هيحصل أبداً، مش هيحصل ..
للـــتحميل إضـــغط هــــنا
للـــتحميل إضـــغط هــــنا