كتاب نظرة الغرب إلى الإسلام
من تأليف : ر.و. سذرن
صدق من قال : " من جهل شيئا عاداه "، وقد برهن هذا الكتاب الذي نقدمه للقارئ العربي على أن أوربا النصرانية في القرون الوسطى كانت جاهلة تمام الجهل بالإسلام وبحقائقه الجوهرية وأن هذا الجهل كان متعمدا، فلم يحاولوا أن يعرفوا الإسلام وهو قريب منهم في إسبانيا، حتى نصارى الإسبان الذين كتبوا عن الإسلام وهو بين ظهرانيهم لم يعرفوا عنه شيئا كما يقول المؤلف، ولو أرادوا لعرفوا، وربما تغيرت نظرتهم إلى الإسلام، بل ربما أسلموا.
لقد أظهر هذا الكتاب معنى التعصب الديني بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وبخاصة ضد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فرموه بكل نقيصة، مما يدل على حقد قلوبهم عليه وعلى دينه، ومن العجيب أن يجمعوا على أن الإسلام يخالف العقل، ولا يقبل الجدل، وهذه فرية واضحة، فليس ثمة دين يتمشى مع العقل، والتفكر في حقائق الحياة باعتبارها وسيلة للوصول إلى الإيمان بالله قبل الإسلام، وتاريخ الإسلام والدعوة إليه منذ أن كان مختفيا في شعاب مكة إلى اليوم هو دعوة عقلية، فلم تدخل الملايين التي دخلت في الإسلام بالقوة، مصداقا لقول الله عز جل " لا إكراه في الدِّين قد تبيَّن الرُّشدُ من الغَي"، وكيف يتبين الرشد من الغي إلا بالبرهان الواضح والدليل الناصع الذي يأسر العقول، ويفحم المجادلين؟ وإنما دخلت الملايين وأسلمت لما رأت الإسلام يناشد العقل السليم أولا، لم يصل العرب في فتوحاتهم إلى ماليزيا أو أندونيسيا، أو قلب الصين، وإنما أسلم من اسلم من شعوب تلك البلاد، وهم ملايين عدة، على يد التجار من المسلمين سلما لا حربا. فما كان مع هؤلاء التجار سلاح سوى كلمة الإسلام ودعوة الح، والقدوة الخلقية الحسنة، في السلوك الشخصي وفي المعاملات، وكذلك الأمر لدى شعوب إفريقيا.
لقد أقرَّ المؤلف في غير ما موضع أن عقيدة النصارى كانت محترمة لدى الشعوب الإسلامية، وأن كثيراً منهم كان يشغل بعض الوظائف الهامة في الدولة، وإذا كان النصارى قد أجبروا على دفع الجزية، فلأن الإسلام يمنع انتظامهم في صفوف الجيوش الإسلامية، إذ ربما كانوا مصدر فتنة، ودفع الجزية في سبيل حمايتهم والحفاظ على أرواحهم وحرياتهم وكنائسهم وأديرتهم وأوقافهم، في الوقت الذي يدفع فيه المسلم ضريبة الدم في ساحات القتال ينعم النصراني بالسلم والعافية في نظير جزء يسير من المال، فهل بعد هذا عدالة وتسامح؟.
للـــتحميل إضـــغــط هــــنــا
للـــتحميل إضـــغــط هــــنــا