كتاب صدام : الحياة السرية PDF
من تاليف : كون غولن
مقتطف من الفصل السابع " السيد الرئيس "
إن صعود صدام إلى السلطة العليا زوَده بفرصة حسم عدة أهداف قديمة، وكانت تلك اللحظة التي اختار فيها أن يرسل رجاله المسلحين لاغتيال رفيقه وصديقه القديم عبد الكريم الشيخلي والذي كان خارج النشاط السياسي منذ 1971 عندما أرسل إلى الأمم المتحدة، وحتى في نيويورك لم يلتفت الشيخلي إلى الردوس التي يجب أن يكون قد تعلمها من انغماسه في الملذات في بغداد في أوائل السبعينيات، كان عليه أن يعلم بأن كل شيء قاله، عاما أو خاصا، قد تم تسجيله وإرساله إلى صدام بواسطة عملائه من رجال الأمن، حتى في نيويورك البعيدة، بيد أن الشيخلي بقي مثالا للحماقة ولم يكن مترددا في أن يفصح عن رأيه حول سيطرة صدام على البعث، ربما كان يشعر بأن الصداقة الشخصية الحميمة التي كان مستمتعا بها ذات يوم مع صدام ستحميه، وأخيرا نفذ صبر صدام وأمر الشيخلي بالعودة إلى بغداد، وحتى ذلك الأمر المشؤوم لم يسبب كثيرا من التشويش لانضباط الأعصاب لدى الشيخلي، وأنه قد امتثل لذلك الطلب، وعند وصوله تم اعتقاله ورمي في السجن، ولأنه ما زال يتمتع بوجود أتباع أقوياء في الحزب والقطر، قررت الحكومة أن تمنحه محاكمة اعتيادية قدر الإمكان، بدلا من إخضاعه إلى محاكمة شكلية من قبل محكمة عسكرية خاصة امتتثل القاضي للطلب وعندما سيطر على المحاكمة في آخر الأمر، استضيف الجمهور العراقي إلى المشهد الفريد للمدعى عليه الذي زود المحكمة بدفاع قابل للتصديق في راقع الأمر، بعد عشرة أيام، وباستدعاء الشيخلي لمجموعة من الشهود لإعطاء شهادات لصالحه، لم تحرز المحاكمة تقدما، وواجه الشيخلي إمكانية متميزة لتبرئته، وفي ذلك الوقت تدخلت السلطات الحكومية، من خلال مذكرة سرية قدمت للقاضي، وأمرت المحكمة بحلَ القضية على الفور، أدين الشيخلي كما ينبغي بنقد غير قانوني للحكومة وسجن لست سنوات، ولكن بعد سنة من ترؤس صدام، أطلق سراحه، وباعتقاده بأن مشاكله مع صدام أصبحت من الماضي، حاول الشيخلي أن يتكيف مع الحياة المدنية العادية، وبأسابيع قليلة أعقبت إطلاق سراحه، ذهب بصحبة زوجته الحامل لتسديد فاتورة هاتفه، وعندما نزل من سيارته أطلق اثنان من أتباع صدام النار عليه فأردياه قتيلا".
مقتطف من الفصل الثاني عشر " الباقي على قيد الحياة "
والأسلوب الذي نجح به صدام حسين في تحويل الورطة المحفوفة بالمخاطر التي واجهها في ربيع 1991 إلى مصلحته الشخصية كان برهانا على منهج الدهاء السياسي، والمهارة التي مكنته من البقاء على قيد الحياة بطلا للعراق دون أجنى شك لأفضل دور من العقود الثلاثة، وأظهر بأنه بقي خصما لدودا عندما تعرض للتحدي على أرضه، ومع أن صدام وإلى حد كبير قد أساء فهم موقف الغرب تجاه العراق ونظام البعثيين وذلك بالإسراع إلى غزو الكويت، فإنه استطاع أن يكتشف بأن الغرب ليس لديه الإهتمام بنقل القتال إلى العراق عقب تحرير الكويت، وأسرع صدام باستغلال قلق الغرب حول الشرق الأوسط، وحسب بأنه إذا لم يعط الحلفاء سببا للتدخل في شؤون العراق الداخلية، فإنه سيقدر على إعادة توطيد شرعية حكمه، وهكذا في أوائل مارس سمح لوزير خارجيته، طارق عزيز، بأن يكتب إلى السكرتير العام للأمم المتحدة يبلغه بتخلي العراق عن ضم الكويت، والموافقة على إعادة الممتلكات المسروقة، ووافق عزيز أخيرا على شروط قرار الأمم المتحدة رقم 687، على الرغم من أن تنفيذه سرعان ما ارتبط مباشرة بحسابات بغداد حول استعداد التحالف، الذي انحلَ بسرعة مثلما تجمع، إلى اللجوء إلى القوة المسلحة لضمان الإستجابة.
في أواخر أبريل تشكلت لجنة طوارئ برئاسة طارق عزيز لتقرر افضل السبل لتحدي الأمم المتحدة بأمر من صدام للحفاظ على أكثر ما يمكن من اسلحة الدمار الشامل العراقية قدر الإمكان، وكان صدام عازما على أن لا يكشف أي جانب من برنامج أسلحته النووية، والمسمى () والذي أخفاه بنجاح عن المفتشين العاملين لوكالة الطاقة الذرية الدولية لأكثر من عشر سنوات، وأمر صدام كذلك بأنه يجب ألا تكشف النقاب أية تفاصيل عن برنامج الأسلحة البيولوجية، والسلاح غير التقليدي الوحيد الذي كشف النقاب عنه كان برنامج الأسلحة الكيماوية لأنه سبق للأمم المتحدة أن امتلكت دليلا حول تصنيعه، واجاز صدام موضوع الكشف عن مخزونات العناصر الكيماوية وانظمة إطلاقها ...."
كتاب صدام الحياة السرية - كون غولن |